السلام عليكم ...
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده ..
و بعد فهذه إن شاء الله تعالى سلسلة من الحلقات أضعها بين أيديكم
حول القصص في الكتاب و السنة ( الصحيحة ) ..
و شيء من العبر المستخلصة منها ، و قد قال الله تعالى :
لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لاُوْلِي الألْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَىَ
وَلَـَكِن تَصْدِيقَ الّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلّ شَيْءٍ
وَهُدًى وَرَحْمَةً لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
و من القصص التي أوردها قصة موسى مع الخضر عليهما السلام ...
أولا: الأخبار الواردة فيهما :
1- قال الله تعالى :
وَإِذْ قَالَ مُوسَىَ لِفَتَاهُ لآ أَبْرَحُ حَتّىَ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً *
فَلَمّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً *
فَلَمّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَآءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـَذَا نَصَباً *
قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى الصّخْرَةِ فَإِنّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَآ أَنْسَانِيهُ
إِلاّ الشّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً *
قَالَ ذَلِكَ مَا كُنّا نَبْغِ فَارْتَدّا عَلَىَ آثَارِهِمَا قَصَصاً *
فَوَجَدَا عَبْداً مّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مّنْ عِندِنَا وَعَلّمْنَاهُ
مِن لّدُنّا عِلْماً قَالَ لَهُ مُوسَىَ هَلْ أَتّبِعُكَ عَلَىَ أَن تُعَلّمَنِ
مِمّا عُلّمْتَ رُشْداً * قَالَ إِنّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً *
وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىَ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً *
قَالَ سَتَجِدُنِيَ إِن شَآءَ اللّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أمْراً *
قَالَ فَإِنِ اتّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ حَتّىَ أُحْدِثَ
لَكَ مِنْهُ ذِكْراً *
فَانْطَلَقَا حَتّىَ إِذَا رَكِبَا فِي السّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا
لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنّكَ
لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ
وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً *
فَانْطَلَقَا حَتّىَ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيّةً
بِغَيْرِ نَفْسٍ لّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نّكْراً * قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لّكَ
إِنّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً * قَالَ إِن سَأَلْتُكَ
عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لّدُنّي عُذْراً *
فَانطَلَقَا حَتّىَ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا فَأَبَوْاْ
أَن يُضَيّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضّ فَأَقَامَهُ
قَالَ لَوْ شِئْتَ لاَتّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً * قَالَ هَـَذَا فِرَاقُ
بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عّلَيْهِ صَبْراً *
أَمّا السّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ
فَأَرَدتّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَآءَهُم مّلِكٌ يَأْخُذُ كُلّ سَفِينَةٍ
غَصْباً* وَأَمّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَآ أَن يُرْهِقَهُمَا
طُغْيَاناً وَكُفْراً * فَأَرَدْنَآ أَن يُبْدِلَهُمَا رَبّهُمَا خَيْراً مّنْهُ
زَكَـاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً *
وَأَمّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ
وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبّكَ
أَن يَبْلُغَآ أَشُدّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مّن رّبّكَ
وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِـع عّلَيْهِ صَبْراً *
2- [size=21]قال البخاري: حدثنا الحميدي, حدثنا سفيان, حدثنا عمرو بن دينار,
أخبرني سعيد بن جبير, قال: قلت لابن عباس: إن نوفاً البكالي يزعم أن موسى
صاحب الخضر عليه السلام, ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل.
قال ابن عباس: كذب عدو الله, حدثنا أبي بن كعب رضي الله عنه أنه
سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«إن موسى قام خطيباً في بني إسرائيل فسئل: أي الناس أعلم ؟
قال: أنا, فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه,
فأوحى الله إليه إن لي عبداً بمجمع البحرين هو أعلم منك.
قال موسى: يا رب وكيف لي به ؟
قال: تأخذ معك حوتاً فتجعله بمكتل, فحيثما فقدت الحوت فهو ثم,
فأخذ حوتاً فجعله بمكتل, ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون عليه السلام,
حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما, واضطرب الحوت في المكتل,
فخرج منه فسقط في البحر فاتخذ سبيله في البحر سربا, وأمسك الله عن الحوت
جرية الماء, فصار عليه مثل الطاق, فلما استيقظ, نسي صاحبه أن يخبره بالحوت,
فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان من الغد
قال موسى لفتاه: {آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا}
ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمره الله به,
قال له فتاه: {أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت
وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا}
قال: فكان الحوت سرباً, ولموسى وفتاه عجباً,
فقال {ذلك ما كنا نبغِ فارتدا على آثارهما قصصاً}
قال: فرجعا يقصان أثرهما حتى انتهيا إلى الصخرة,
فإذا رجل مسجى بثوب, فسلم عليه موسى
فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام. فقال: أنا موسى.
فقال: موسى بني إسرائيل ؟
قال: نعم قال أتيتك لتعلمني مما علمت رشداً
{قال إنك لن تستطيع معي صبراً} يا موسى إني على علم
من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت وأنت على علم من علم الله
علمكه الله لا أعلمه.
فقال موسى {ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمراً}
قال له الخضر: {فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكراً}.
فانطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرت سفينة, فكلموهم أن يحملوهم,
فعرفوا الخضر فحملوهم بغير نول, فلما ركبا في السفينة لم يفجأ إلا والخضر
قد قلع لوحاً من ألواح السفينة بالقدوم, فقال له موسى: قد حملونا بغير نول,
فعمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟ لقد جئت شيئاً إمراً
قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبراً ؟ قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني
من أمري عسراً}
قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله
فكانت الأولى من موسى نسياناً,
قال: وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة, فنقر في البحر
نقرة أو نقرتين فقال لهالخضر: ما علمي وعلمك في علم الله
إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر.
ثم خرجا من السفينة فبينما هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر
غلاماً يلعب مع الغلمان, فأخذ الخضر رأسه فاقتلعه بيده فقتله,
فقال له موسى {أقتلت نفساً زكية بغير نفس لقد جئت شيئاً نكراً
قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبراً}
قال: وهذه أشد من الأولى, {قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني
قد بلغت من لدني عذراً, فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها
فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض} أي مائلاً,
فقال الخضر بيده {فأقامه}
فقال موسى: قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا {لو شئت لاتخذت
عليه أجراً, قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً}
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص الله علينا من خبرهما»
قال سعيد بن جبير: كان ابن عباس يقرأ {وكان أمامهم ملك يأخذ كل
سفينة صالحة غصباً} وكان يقرأ {وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين}.
يتبع إن شاء الله ..!
[/size]